Coaching and talented students by Mohammed Baeshera
مع ثورة القرن الواحد والعشرين وما واكبها من انطلاقة لمفاهيم جديدة حول المهارات التي نحتاجها ، وكيف يمكننا استثمار طاقاتنا بشكل أكبر وأسلوب أذكى..يُعد الكوتشنج من العلوم الحديثة والذي يقوم على أساس تفعيل المهارات التي يمتلكها أصحاب الطموح العالي ليرتقوا بأنفسهم وليتمكنوا من تحقيق أهدافهم،فالكوتشنج كما يعرفه د. هاني باحويرث: هو حوار تعاوني متمركز حول الحل لتيسير التغيير ورفع الأداء من وإلى المستفيد.
ولعل الموهوب من أكثر الناس قدرة على تحقيق أهدافهم ,وأوفرهم حظاً في الإبداع في أدائهم، حيث يملكون من الاستعداد ما يساعدهم على ذلك. إن الموهوب كما يراه رنزولي هو الذي يكون أدوؤه متميزاً بصورة متسقة في مجال ذي قيمة للمجتمع الإنساني (Renzulli, 1979)، إن الموهوبين هم الثروة الحقيقية التي علينا رعايتها والعناية بها، وحيث أن الموهوب يمتلك العديد من القدرات التي تميزه عن باقي أقرانه مما يجعله الأكثر قدرة على التطور والأطول نَفَسَاً في الوصول لما يريد ويطمح إليه..
يُعتبر (التمكين) هو العلامة الفارقة بين (علم الكوتشنج) -والذي يعتبر التمكين كأساس يقوم عليه- وبين بقية العلوم التي تهدف للتنمية والتطوير، حيث يقصد به الإقرار والإيمان بأن كل شخص لديه القدرة ليحقق أهدافه ولديه الموارد المناسبة ليصل إليها، وهذا ما يحتاجه الموهوب. إن أكثر ما يحتاجه الموهوب ليصل إلى ما يريد هو الإيمان به وبقدراته وإلى أسلوب عملي وحوار خلاق يتوائم مع ما يملكه من قدرات وإمكانيات بحيث يأخذه إلى أبعد مدى، وهذا ما يحققه علم (الكوتشنج). إن الكوتشنج يدعم حقيقة أن لكلٍ منّا قدراته التي استودعه الله إياها، وبها يمكننا الوصول لما نريد، ونحتاج مع هذه الحقيقة إلى أن نؤمن نحن بأنفسنا وبما لدينا من إمكانيات، ولكن ما علاقة ذلك بالموهبة؟
هناك عدة خصائص مشتركة بين رعاية الموهوب وتنمية قدراته وبين علم الكوتشنج:
فمن خصائص الموهوبين كما تراها الباحثة كلارك المختصة في مجال الموهبة والإبداع (Clark, 1992) ، -والتي تعتمد في أبحاثها على عنصر الأداء كتعريف للموهبة- :
1) الموهوب يحتاج إلى الفرصة، حيث لديه قوة تركيز غير عادية ومثابرة وهدفية في السلوك والنشاط ، فلديه الاستعداد ليصرف المزيد من الجهد والوقت والمال لما يجيد التعامل معه،
2) الموهوب يحتاج للتحدي ومنافسة قدراته ليعطي المزيد ويقدم أفضل ما لديه، وليتمكن من مواصلة العملية التعليمية،
3) لديه دافعية قوية ناجمه عن شعور قوي لتحقيق الذات،
4) لديهم فعالية عالية، وقدرة على تحمل المسؤولية إذا ما تناسب الهدف مع مجال اهتمامه،
5) يحب الموهوب المزيد من الاكتشاف ولديه الفضول لمعرفة ما هو غامض، ولديه القدرة على الإنتاج،
6) اللمسات الإبداعية في مجالات الاهتمام أو المحاولات.
وهذاما يتوافق مع مبادئ الكوتشنج (كما يراها عرب كوتشنج والذي أهمها: التمكين، التيسير والوعي والتعلم الذاتي )
وهنا نحتاج لأن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ما الذي لا يجعل جميع الموهوبين متميزين في عطائهم؟
الجواب .. السهل الممتنع : إنه الوعي
فإذا ما ارتفع الوعي لديه أصبح قادراً على تحقيق الخصائص السابقة، وكلما ارتفع وعيه كلما زاد تمسكه بها حتى يصل لأقصى مراحل الوعي وهو (التمكين) بمعني أن يكون قادراً على إدارة موارده بشكل كامل ذاتياً وبفاعلية عالية، وهنا ومع هذه المنعطف الإيجابي (التمكين الذاتي ) ستظهر لدى الموهوب من الجوانب مالم نتوقعه من القدرات والاستعدادات مالم يخطر على بالنا ولا حتى على باله هو شخصياً، إن للكوتشنج -كغيره من العلوم- من الأدوات والتقنيات ما يجعله متناسباً مع اختلاف شخصيات الموهوبين وتوجهاتهم وميولهم، وهذا من النقاط التي تميّز الكوتشنج عن غيره من العلوم،
نحن نحتاج إلى أن ننتقل إلى هذا المفهوم الجديد متوازياً مع باقي الأساليب المعتبرة في الكشف عن المواهب ورعاية الموهوبين، عندما يصل الموهوب إلى التمكين سيصبح (بإذن الله تعالى) قادراً على العمل بطريقة مبدعة وخلّاقة، ولن ينتظر من أحد أن يعلمه الكثير، سيصبح –بإذن الله- ذا دافعية عالية ، وعلى قدر عالٍ من المسؤولية ، عارفاً بمكنونات نفسه ، متجهاً نحو الهدف.وهنا يأتي دورنا في البيت والمدرسة والمجتمع وهو أن نرفع من وعيه ونزيد من إتاحة الفرصة له منصتين لما يقول، مؤمنين بقدراته، جاعلين منه مسؤولاً صاحب قرار، ليصبح واثقاً بنفسه أكثر فأكثر، حتى يصل إلى (التمكين) وهنا سيحدث الفرق، وهذا ما ننتظره ونتمناه.
المراجع:
١. جروان، (١٩٩٩) الموهبة والتفوق والإبداع، دار الكتاب الجامعي، العين
٢. سرور (٢٠٠٢) مدخل إلى تربية المتميزين والموهوبين، دار الفكر للطباعة والنشر، عمّان
٣. هاني باحويرث (٢٠٠٩)، مذكرة الممارس المعتمد في الكوتشنج، عرب كوتشنج،
كوتش متقدم/ محمد عمر باعيشره
متخصص في برامج الموهوبين وتطويرهم